حداثة العالم

الإحباط يعتصر ذهنى كلما تابعت أخبار العالم الذى يصفونه “بالحديث”. نعم, فهو العالم الذى تجد الكراهية فيه مفهوم و تعريف حديث. تجد أن الكراهية و العنصرية و التمييز و التفرقة و كل تلك المصطلحات – التى هى مرآة لمصطلح الظلم و لكن بعد أن ظل يتجمل قرابة بضع ألاف من السنين منذ نزول سيد الخلق أدم عليه السلام – أصبحت تجد لها مآذن و صوامع و معابد و قاعات تمنهج فيها الكراهية بل و أصبحت هناك مؤتمرات و حملات و تبرعات للكراهية و كيف يطورونها و يجملونها و يروجون لها فى أسواق التسامح التى تركد فيها منتجات الكراهية .

نضجت فجأة لأجد مذيع نشرة الأخبار يدرس لى من منبره كيف أن العالم الحديث المتطور فى أساليب تبريره للكراهية ينقسم لدول تكره بعضها, و الدول من الداخل تنقسم لطوائف تكره بعضها و الطوائف تنقسم لفرق تكره بعضها, بل و إن لم يروق لك هذا التقسيم فيمكنك أن تغير محطة التليفزيون لتجد مذيعاً أخر يقسم البشر لألوان و ديانات.

لن تبحث كثيراً لتجد تقسيمتك المفضلة ..
المخزى أن كل ما يحدث من حروب و مجاعات و مؤامرات و ما إلي ذلك, لا يحدث لإرادة شعبية, أو لأننا كوكب من الهمج تمثل هذه الثقافة البليدة حياتنا. المخزى هو أننا نساق من قادة العالم الذين أتقنوا على مر العصور لعبة الهمجية و رسم خرائط الفوضى. هؤلاء القادة يعملون بمبدأ “فرق تسد” و لم يعلموا أن هذا المبدأ بعد أن يجعلك تسود سيسودهم هو فى النهاية لتطالهم الفرقة التى طالما ألقوها بعشوائية فى أنحاء المعمورة.

لعنة الله علينا إن لم نقف فى وجوه جلادينا .. حلال عليهم ظهورنا و لحومنا إن لم ننطق بحقوقنا.

فيا أيها العالم البغيض المنظر القبيح الملامح المهترئ المعانى و الجوهر, يا أيها العالم المتبرج السافر المنحل الحديث المنطور,اغرب عن وجهنا و اذهب إلى جحيمك الخاص.

و يا أيها الشعوب المتعامية المنساقة المتخاذلة المفتعلة, أفيقوا و أخرجوا عن طوع قادتكم الذين يقودوكم لمراعى الحروب و أنتم رغم ذلك تصرون على أداء دور القطيع بمنتهى المهارة و تتفننون فى حبكته. كفاكم هواناً على أنفسكم و خذلاناً فى حقوقكم المهدرة. كفاكم صمم و عمى و خرس مصطنع. كفاكم أنانية و طمعاً. كفاكم تبناً أيها القطيع. كفاكم خواراً و ادعاءكم لحكمة أسيادكم أيها العبيد أسرى أنفسكم المريضة.

املأوا حياتكم بالإيجابية و اغترفوا من نهر الإيمان لتملأوا به قلوبكم الميتة بروح الحرية. املأوا عيونكم بصيرة و عقولكم علم و ألسنتكم صدق. املأوا أبناءكم أمل و يقين, ولا تنسوا أن تملأوا آنيه الفقر و العنف و الجهل الذى دأبتم على تشجيع صناعته طوال أعماركم الفانية بالتكافل و التسامح و التعلم.

تواصلوا مع من قطعتم أوصال عقائدهم و ثقافاتهم لعلكم تصيبوا من ذاكرة التاريخ أن عالمكم  قد غيرتموه لعالم حديث فى إنسانيته ..

                                                                                                                                         6-10-2011

أضف تعليق